من الخدع التى وقعنا فيها ونحن صغار، أن التعليم للأطفال فقط، والحقيقة أن التعليم لا يتوقف عند سن معين، فالتعليم للكبار مثل الصغار، يجب أن يكون التعليم مستمر.
لماذا يجب أن يكون التعليم مستمر؟
لأجلك أنت حتى تعيش أفضل، ولأجلك قيمتك في الحياة، لأجل تحقيق أحلامك، لأجل أولادك، فالعلم مطلب أساسى.
وقبل أن تتسرع وتقول أنا لا أريد للعودة للجامعة، فأنا لا أقصد التعليم الأكاديمي، سواء في المدارس والجامعات!
وهذه الخدعة الثانية التي خدعونا بها!
لأن التعليم بمفهومة الحقيقى، ليس مجموعة المعلومات الموجودة فى الكتب التى يحددها لنا المختصون فى وضع المناهج الدراسية، والتى قد تنفع؛ وقد لا تصلح للجميع.
فالعلم أوسع وأشمل من ذلك بكثير، فتستطيع أن تتعلم بدون دخول جامعة! كيف؟
قبل أن تتعجب تذكر هل ألتحق الكاتب الكبير عباس محمود العقاد بالجامعة؟!
فهو لم يحصل غير على شهادة الإبتدائية فقط! وبسبب ظروفه الصعبة لم يكمل تعليمه؛ ورغم ذلك علم نفسه بنفسه من خلال القراءة فقط.
ارتقى بمستواك من خلال التعليم المستمر:
وهذا مافعله الأستاذ عباس محمود العقاد فكان يشترى كتب من راتبه الضئيل!
فكان كثير القراءة حتى ارتقى بمستوى تعليمه وانتقل من مرحلة التعليم لمرحلة الثقافة.
وماذا كانت النتيجة؟
صار ضليع في اللغة العربية، وعمل بالصحافة، وألف كتب لا يشك أى قارىء أن مؤلفها لم يحصل على الإعدادية حتى!
ونحن فى عصرنا الحاضر أكثر حظٍ من العقاد لسببين:
1/ وجود شبكة معلومات هائلة على الإنترنت، من كتب، ومراجعة، ومقالات، وأبحاث، ومحتويات تعليمية مسموعة ومرئية تستطيع التعلم والإستفادة منها.
2/ توافر دورات تدريبية فى مجالات مختلفة، تمكنك من أن تتقن التخصص الذي تريده دون حاجة للرجوع للدراسة الجامعية مرة أخرى.
وبالطبع مايميز السببين السابقين؛ أنهما من البيت أو من أى مكان، فالتعليم فى الوقت الحالى عن بعد، وبه من المرونة مايجعلك تنتصر أى ظروف صعبة مثل بعد المكان وضيق الوقت، لهذا تعليم الكبار فى عصرنا الحاضر له حظ وافر عن العصور السابقة، فانتهز الفرصة.
كيف تختار العلم الذي ينفعك؟
وهنا نأتى لأهم مرحلة، فما هو العلم الذى ينفعنا فى الوقت الحالى؟
إذا أردت أن تعرف أنظر لمشاكلك وحاول حلها ولو عجزت عن حل مشكلة ما، فأنت هنا محتاج تتعلم كيف حلها؟
فمثلاً لو مفتقد مهارة معينة ومحتاج لها بشكل ضروري في العمل، كإستخدام الحاسوب مثلاً فقد تكون من الأجيال التى لم تعاصر الحاسوب (الكمبيوتر) منذ الطفولة حتى مرحلة الشباب، وعندما ظهر وبدأ ينتشر كنت قد تجاوزت الخمسين!
فلا تجعل السن عائق واشترك فى دورة تدريبية؛ وتعلم كيف تعمل على الحاسوب؟ وطور من نفسك، وترقى فى وظيفتك.
فأين كان مجال عملك سواء المجال الطبى، أو القانونى، أو الزراعى....ألخ بإمكانك تطوير نفسك فى مهنتك.
ما هي العوائق لمنع تعليم الكبار؟
أكبر عائق يقف فى طريقك لتتعلم أى شىء هو أنت شخصيًا!
فالكلام السلبى الذى تتحدث به مع نفسك أكبر معضلة! فتظل تقول أنا سنى كبر؛ أنا انسى كثيراً، التعليم صعب بالنسبة لى.
وكل هذه العبارات خاطئة لأسباب عدة:
فالتعليم ليس له علاقة بسن، لهذا سمناه تعليم مستمر وإلا لو كان متعلق بسن لكان توقف عند عمر معين.
أما عن النسيان يعانى منه الصغير قبل الكبير، أسأل بنفسك أطفالك أو أحفادك، أو أبناء اقاربك!
أما صعوبة التعليم، فالشباب والأطفال يعانون من صعوبة فى التعليم ومع ذلك ليس هذا ليس عائق.
فهناك مقولة تقول إن لم تتألم لم تتعلم، وأين كنت مع المقولة أو ضدها، فهناك قاعدة أساسية أنك لتنال العلم عليك أن تجتهد فيه، والاجتهاد يحتاج لجهد وصبر وإلتزام.
هل التعليم المستمر يفيدك مهنياً فقط؟
بالطبع لا فالعلم كما قلنا ليس مجرد المنهج العقيم الذى تعلمته فى المدارس والجامعات، فهو أوسع وأشمل من ذلك بكثير!
فالتعليم المستمر يشمل تعليم فنون المهارات الحياتية أى التى نحتاجها فى حياتنا اليومية مثل:
- تعليم تربية الأطفال.
- تعليم فن إدارة الوقت.
- تعلم حل المشاكل الزوجية.
- تعلم التفكير الإبداعي.
وغيرها الكثير من العلوم الإنسانية، والنفسية، والتكنولوجية التى تفيدك فى حياتك الإجتماعية.
فالمثال السابق الخاص بالحاسوب تستطيع أن تقيس عليه أمثلة أشياء كثيرة فى حياتنا، فعلى سبيل المثال لو أنت زوج وتعاني من مشاكل كثيرة فى حياتك الزوجية، ودائماً تنتهي بصراعات وخلافات ومشاحنات! وكل مرة يتدخل الأهل لحلها!
فهذا معناه إنك لا تدير حياتك بشكل سليم، وليس عيب أبداً أن تلتحق بدورة أو دبلومة خاصة بالإرشاد الأسرى حتى تتعلم أشياء كثيرة منها:
- أن تحل مشاكلك بنفسك دون تدخل الاهل.
- إن تتعامل مع زوجتك بدون غضب ولا خلافات ولا عنف.
- أن تجعلها تطيعك حباً فيك وليس خوفًا.
- أن تحافظ على بيتك من الخراب، وتحمى أطفالك من الضياع.
فمن الواجب عليك أن تتعلم كيف تحافظ على حياتك الزوجية من التفكك؟ لهذا تعلم وخذ زوجتك معك وحافظا سوياً على البيت والأولاد.
وخلاصة القول تعلم مايفيدك، ولا تتوقف عن التعلم، ولا يوجد مبررات لا السن، ولا مرض، ولا حتى المال، فحتى لو كنت فقير لا تستطيع أن تلحق بجامعة ولا دورات تدريبية، يكفى أن تعتمد على القراءة، اذهب للمكتبات العامة فالقراءة هناك حتى الوقت الذي أكتب فيه هذه المقالة مجانية تماماً، ولو كنت مريض لا تستطيع الخروج فهناك مصادر للقراءة والتعليم على الإنترنت، فانتهز الفرصة وحسن حياتك بالعلم، وتذكر أن التعليم لا يقتصر على الشهادة. ويجب أن يظل التعليم مستمر مادمت حيا.
بقلم: منة الله بنت محمد
تعليقات
إرسال تعليق