الكثير من الناس يجدون صعوبة في بيع حصتهم في المال الشائع، والحقيقة أن الأمر ليس بهذه الصعوبة.
المشكلة هي أن بعض الناس يجهلون القانون المدني الذي عالج حالات مختلفة، ليس فقط في بيع المال الشائع، بل وحالات تصرف الشريك على الشيوع في حصته.
والأكثر من ذلك فالقانون حمى الشخص الذي يتصرف وهو حسن النية. وفيما يلي سنتعرف في مقالنا على بعض المسائل التي يتعرض لها البيع في المال الشائع، وعلينا أولاً أن نتعرف على الآتي:
كيف يبيع الشريك حصته في المال الشائع؟
كما سبق وأن ذكرنا في المقالة السابقة التي كانت بعنوان "كيف تستفيد من ملكيتك الشائعة؟"، فإن القانون أعطى حقوقًا للملكية في الشيوع مشابهة لتلك الممنوحة للملكية المنفردة.
معنى ذلك أن للشريك في الشيوع الحق في التصرف بالبيع ولكن السؤال هنا:
كيف يقوم بالبيع؟
بمراجعة نصوص القانون سيتضح لنا أن الشريك بمقدور أن يبيع في حدود حصته الشائعة فقط.
فعلى سبيل المثال: إذا باع الشريك حصته، وكان المشتري يعلم بأن البائع شريك مع باقي الشركاء في الأرض ولا يملك إلا حصة شائعة، فالس ال هنا كالآتي:
هل يكون البيع صحيحًا؟
بالنسبة لتصرفه بالبيع سيكون صحيحًا، ولكنه غير نافذ في حق باقي الشركاء! بمعنى أن عقد البيع صحيح؛ ولكنه لا يلتزم به الشركاء ولا ينفذ على أرض الواقع إلا بعد إجراء القسمة؛ وأخذ كل شريك نصيبه في الأرض، وهذا إجراء طبيعي لأن الشريك لا يملك من الأرض إلا حصته فقط.
وهنا طبقًا للحالة السابقة؛ يتعين الإجابة عن سؤال آخر وهو
هل يحق للمشتري أن يطلب إبطال البيع؟
لا يحق للمشتري ذلك؛ مادام كان على علم أن البائع شريك لا يملك غير حصة شائعة، لأن بعلمه بحالة الشيوع؛ دليل على رضاه على الحصة التي تؤول إلي البائع بعد القسمة، وبناءً على ذلك فالبيع يكون صحيحًا؛ لا يحتاج لبطلان.
وإذا كنت مازلت تتساءل كيف يكون البيع صحيحًا، ورغم إنه غير نافذ في حق باقي الشركاء؟!
سأعطيك مثال واقعي:
- فإذا اتفق الشريك البائع مع المشتري على إعطاءه حصة مفرزة بعينها، ففي هذه الحالة إجراء البيع نفسه صحيح، ولكن التنفيذ على الحصة التي اتفقا عليها لا تنفذ ولا يلتزم بها باقي الشركاء.
- وهذا أمر طبيعي لأنها حصة في مال على الشيوع، ولكى يتم التنفيذ يجب أولًا أن تتم قسمة المال الشائع سواء أرض أو غيره؛ ويأخذ كل شريك حصته مفرزة.
ويأتي السؤال هنا هل يحق للمشتري تملك الحصة المفرزة التي اتفق عليها بعد القسمة تلقائيًا؟
هذا يتوقف علي ما نتجت عليه قسمة المال الشائع:
- فإذا انتقلت الحصة المتفق عليها في البيع إلى الشريك البائع؛ فيحق للمشتري تملك هذه الحصة ملكية تامة.
- أما إذا انتقلت الحصة المتفق عليها إلى شريك آخر غير الشريك الذي باع للمشتري؛ ففي هذه الحالة تنتقل ملكية المشتري للجزء الذى انتقل للبائع بعد القسمة.
وهنا يتبادر سؤال مهم؛ وهو لو الحصة التي اتفق المشتري مع البائع عليها لم تقع فى نصيب الشريك البائع!
فهل هذا يعطي الحق للمشتري لكى يبطل عقد البيع؟
-الواقع أن القانون لا يعطي للمشتري في هذه الحالة الحق في إبطال البيع، لسبب منطقي وهو أنه كان يعلم قبل البيع أنه يتعامل مع شريك على الشيوع، وأن هذا الشريك البائع لا يملك غير حصة غير مفرزة أي غير محددة في مال شائع.
فكيف يتفق المشتري على شراء حصة بعينها؟! وهو لا يعلم هل ستنتقل إلى البائع أم لا؟!
- لهذا اعتبره المشرع ارتضى نتيجة القسمة، بعلمه المسبق بحالة الشيوع، لأنه وارد ألا يقع الحصة المتفق عليها في نصيب الشريك الذي باع له.
ورغم ذلك إلا أن القانون اعطي للمشترى الحق في إبطال البيع في حالة آخرى.
متى يحق للمشتري إبطال البيع؟
- عندما يكون المشتري حسن النية، أي كان لا يعلم بأن البائع شريك في حصة من أرض أو مال شائع.
- ففى هذه الحالة يحق له إبطال العقد؛ لو انتقلت الحصة التى اتفق عليها مع الشريك البائع إلى شريك آخر، بل ويحق له إبطال عقد البيع قبل القسمة.
ويجب الإشارة إلى أنه لكى يستخدم المشتري حقه في إبطال البيع عليه أن يتخذ القرار سريعًا، قبل ما تقع القسمة.
وعلينا التنبيه أن ما سبق ليس معناه أن المشتري ليس له أن يتملك الأرض المفرزة التي اشتراها كقاعدة عامة، لأنه يوجد حالة يعطى القانون فيها للمشتري تملك الأرض المفرزة ولو قبل القسمة!
متى يتملك المشتري قبل القسمة؟
أولًا: إذا حاز المشتري الأرض المفرزة مدة خمس سنوات، فإنه يملكها بالتقادم.
ثانيًا: توافر عقد البيع الصادر له من الشريك علي الشيوع.
لو توافرت هذه الحالة يحق للمشتري ملك الأرض المفرزة التي اشتراها ولو قبل القسمة، بل حتي ولو باع هذه الأرض المفرزة فلا يجوز للشركاء الباقيين استرجاع حصصهم التي آلت لهم لهذا الجزء!
وهنا يأتي تساؤل: ماذا لو إذا باع المشتري حصص زيادة عن حصته في الأرض المفرزة؟
في هذه الحالة يحق لباقي الشركاء استرداد فقط ما يكون قد قام به المشتري من بيع حصص زيادة عن حصته في الأرض المفرزة.
التصرف في المال الشائع؟
وهنا تعرض القانون لحالة مهمة؛ وهي إذا تم التصرف علي جزء مفرز من المال الشائع، ثم بعد القسمة لم يقع هذا الجزء في نصيب من قام بالتصرف، فما الحل هنا؟
- مادام التصرف كان قبل القسمة، فسوف ينتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة.
- ونفس القاعدة التي ذكرناها في البيع؛ فلا يحق للمتصرف إليه إبطال العقد إلا إذا كان حسن النية؛ ولا يعلم أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها ملكية مفرزة.
وهنا يأتي تساؤل دقيق؛ يتبادر للذهن وهو:
ماذا لو كان هناك فرق في القيمة بين الجزئين؟ فهل ستثار مشكلة بسبب ذلك؟
لن يؤثر ذلك ولم تحدث مشكلة، ففي هذا الوضع يتعين دفع الفرق سواء رضاءً أو قضاءً.
وخلاصة ما سبق أن القاعدة في حالات البيع في الملكية الشائعة أن لا يقع علي أحد أي ضرر، فتصرف أي الشريك في حصته مشروط بعدم الضرر بباقي الشركاء.
وفي النهاية عليك عزيزي القارئ أن تفهم القانون جيدًا حتي تعرف(كيف تستفيد من ملكيتك الشائعة؟ ) وحتي لا يستولي أحد على نصيبك في المال الشائع، ولقد وضع القانون حل في حالة الاستيلاء علي نصيب أحد الشركاء، ولمعرفة تفاصيل ذلك، تابعونا في المقالة القادمة بمشيئة الله.
بقلم: منة الله بنت محمد
تعليقات
إرسال تعليق