الإيمان ليس مجرد كلمة تٌقال؛ عندما تقول أنا مؤمن ليس معناها إنك مؤمن، أو تعرف ربنا أو حتى تحبه، والدليل حديث رسول الله (صل الله عليه وسلم): "ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى ولكن هو ماوقر فى القلبِ وصدقهُ العملُ" رواه ابن النجار والديلمى
: كلام جميل
كلنا نقول كلام جميل ومعانى رائعة عن الإيمان؛ ولكنها مجرد كلمات؛ لا تجعلنا مؤمنين حقيقيين. أين إيمانك؟ اثبت إيمانك لنفسك، أين صلاتك؟ زكاتك؟ صومك؟ أين أخلاقك الحسنة؟ أين كلمتك الطيبة؟ هل تعمل بالحلال وتتجنب أكل الحرام؟ هل تصل رحمك؟ هل تصلح عيوبك؟ هل تراعى زوجتك؟ هل تتقى الله فى زوجك؟ هل تربى أولادك على مكارم الأخلاق؟ هل تعمل بضمير؟
لا تقول إنى متشددة وأن الإيمان أسهل من ذلك؛ فأنت واثق من صدق كلامى الراسخ فى عقلك الباطن، وإليك مثال: فإذا جاء شخص واخبرك إنه يحبك؛ ولكنه لا يفعل أى شىء تحبه؛ ولا يهتم بك؛ ولا يرد على اتصالاتك؛ ولو طلبت منه أى شىء يغفل ولا يلبيه، وأضف إنه يأتى بكل الأفعال التى تبغضبها؛ فأخبرنى هل تصدقه لو قال إنه يحبك؟
حكم من يستهين بك؟
تشعر بالآسى وأحيانًا كثيرة بالغضب من أى شخص يستهين بك وبمشارعك، وكلنا مثلك لا نستطيع تحمل أين ذلك، لا أقبل أن يستهين بى أحد؛ سواء كان قريب أو بعيد. فلماذا نستهين بإيماننا؟ الإيمان الذى هو جوهر وجودنا فى الحياة؛ والغريب إننا نبرر لأنفسنا الإستهانة سواء بالعمل أو مشغولات الحياة أو الأسرة أو....ألخ.
إذا اغضبنا الله وعصينا نتساهل مع أنفسنا بل ونريد المغفرة من الله؛ ولا نستغفر؛ ولانتوب مع إن باب التوبة مفتوح دائمًا. نريد أن يرضى الله عنا ولا نصلى؛ ونجتنب نواهيه؛ نريد أن نرى الرسول (صل الله عليه وسلم) ولا نتبع تعليمه وسنته ولاحتى نخصص ولو عشرة دقائق من يومنا للصلاة عليه أو البحث عن حديث من أحاديثه والعمل به؛ ولا تقول لا وقت لدى؛ فكما تبحث عبر الإنترنت عن أى شىء حتى توصله؛ ابحث عن حديث نبوى أو عن تقوية إيمانك؛ قوى صلتك بالله؛ كما نسمع أحدث أغنية، علينا سماع حديث مع تفسيره حتى نفهمه الفهم الصحيح؛ والمواقع كثيرة، ولكن أين يدك التى تكتب؟ ونفسك التى تطلب؟ وجوارحك التى تستجيب؟ اثبت لله إيمانك، فكل فرد فينا عليه أن يثبت إيمانه لله بإرادته قبل ميعاد اليوم الذى سنجبر فيه على إثبات إيماننا؛ وقتها لم نجد أى فرض لإصلاح مافات، أما حاليًا مازال لدينا الفرصة.
الفرق بين المؤمن والكافر:
كل إنسان يفعل مايُؤمن به؛ فإذا كنت أقول إنى مسلم فعليه بإقامة الصلاة وإتيان كل الشعائر المطلوبة والواجبة؛ وإذا كنت غير مؤمن بالإسلام أو بأى دين فعليه ترك كل التعاليم الخاصة بالدين؛ الأمر سهل؛ ولكن أن ادعى الإيمان وأفعالى تشبه أفعال الكُفار! هذا هو الخلل الذى يجعلنى غير متوازن نفسيًا؛ ويجعل حياتى غير مستقرة؛ وإن كان معظم حياة بعض الناس الذين بهذا الشكل تبدو من الخارج مستقرة إلا إننا لو تعمقنا فيها ورأينا ماتنغلق عليه الأبواب؛ وتٌكن النفوس لرأينا العجب من أمراض ومشاكل وعراقيل، فلا تُفتن بالأموال الكثيرة والبيوت الجميلة والطعام الشهى فكل هذه الأشياء لا تُشفى مرض نفسى واحد.
قد يهمك حكم تارك الصلاة.
حديث ضعيف:
كثير من يشككون فى بعض الأحاديث عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على تنفيذ تعاليمه؛ ولا أنكر إن هذا الحديث المذكور فى الأعلى له أكثر من رواية وبعضها ضعيف، وكنت أبرر لنفسى لا شرط الأفعال أهم شىء الإيمان الذى داخل قلبى؛ ولكن لن استطيع أن أخدع نفسى؛ فالحقيقة أمام عينى فعندما تحدثت مع أبى ذات مرة فى أمر ما واخبرنى إنه مقتنع بكلامى ومؤمن به، فرحت وعُدت وحزنت عندما وجدته يفعل عكس ماقال إنه مقتنع به، فكيف لا أطيق أن يستهان بكلامى وأنا مجرد بشر؟! وقبلت الإستهانة بآيات الله وأحاديث الرسول(صل الله عليه وسلم) فالإيمان ليست قول ولكن فعل.
حسن الظن بالله:
لا للتعنت ولا التشدد فنحن قوم نحسن الظن بالله؛ وهذا أهم شىء، حسنًا كلام يجعلنا متفائلين، فأترك الصلاة والزكاة وألبس ملابس شبة عارية وأخون زوجى وارمى أولادى فى الشارع وأظن بالله خير إنه سيغفر لى، نعم إنه الله هو الغفور الرحيم، وأنا عندى ثقة فى الله وإيمانى قوى وعلى يقين إنه سيغفر لى وسيقبل توبتى عندما أتوب؛ فهو التواب ويغفر الذنوب جميعًا. ولكن متى سأتوب؟ قريبًا الشهر القادم؛ لا الأسبوع القادم؛ قريبًاغداً سيأتى وسأستغفر الله كثيراً وأتوب عن كل ذنوبى كلها وسأتوقف عنها قريبًا، قريبًا جداً.
وللأسف الكثير منا يموت على أمل إنه سيتوب، ويأتى الموت فجأه قبل أن يتوب ويرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وهنا هذه الحالة بالتحديد تجعلنا نذكر حديث أخر للنبى (صل الله عليه وسلم) حيث روى الطبرانى عن الحسن البصرى رو الطبراني عن الحسن البصري أنه قال: "إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة، رجاء الرحمة حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم أعمال صالحة. يقول أحدهم: إني لحسن الظن بالله وأرجو رحمة الله، وكذب، ولو أحسن الظن بالله لأحسن العمل لله، ولو رجا رحمة الله لطلبها بالأعمال الصالحة، يوشك من دخل المفازة (الصحراء) من غير زاد ولا ماء أن يهلك". صدق رسول اللّه وقبل أن تكذب الحديث انظر لحالك وقيمها.
الحديث يوضح لنا الكارثة التى نقع فيها؛ فحسن الظن معناها إنه عندما تقع فى المعصية؛ عليك بالتوجه والتوبة إلى الله مباشرة؛ وتثقك فى أن الله رحيم وسيتوب عليك ويغفرك ذنوبك؛ لا أن تستهين وتظل فى المعصية وتؤجل التوبة إلى أمد بعيد والله أعلم بمصيرك.
وفى الختام قبل مانقول السلام علينا تذكير أنفسنا بالإيمان الحقيقى هو أن ينبض قلبك بحب الله مع إتيان الفعل الذى يدل على هذا الحب؛ على هذا الإيمان؛ ولا تخجل إذا كنت فى معصيه كلنا نقع فى المعاصى؛ ولكن أفضلنا من يتوب بأقصى سرعة؛ ولو وقعت توب مرة أخرى ومرة ثالثة ورابعة لا تيأس من روح الله؛ وأحسن الظن بالله فعلاً ليس كلامًا؛ فأسعى لإصلاح نفسك وحاول مااستطعت، والله يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.
بقلم: منة الله بنت محمد
1.مصدر الحديث الأول:
2.معنى تكن: تخفى
3. مصدر الحديث الثانى:
تعليقات
إرسال تعليق