قد يكون سؤال طفل برىء، وقد يكون سؤال من ملحد خبيث، وقد يكون من مسلم متشكك إيمانه ضعيف، وأين ما كان نية السائل فالإجابة واحده، فالصلاة هي وسيلة اتصال مباشرة بين العبد وربه، فالصلاة هى تعبر عن وجود علاقة بين العبد وربه.
فدعني أسألك سؤال، ما الذي يثبت أن هناك علاقة بينك وبين شخص إذا كنتم لا تتقابلون ولا تتحدثون؟ فمن البديهي أن تتقابل مع صديقك كل فترة زمنية وتتحدثون، وتختلف فترة ألقائكما حسب مشغولياتكما، وحسب درجة ودكما، فصديقك المقرب تحرص على مقابلته بإستمرار، حتى لو شغلتك الظروف وبعدتك الحياة، تحرص على مقابلته أو التواصل معه بأى طريقة كانت، المهم أن تحافظ على العلاقة بينكما، ولله المثل الأعلى؛ فما دُمت تؤمن بالله وتحبه عليك بالحفاظ على العلاقة معه، ورقم واحد فى الحفاظ على هذه العلاقة هي الحفاظ على الصلاة.
أكبر دليل على أهمية الصلاة:
هناك أدلة كثيرة على أهمية الصلاة، ولعل أكبر دليل على أهميتها قوله تعالى فى سورة النساء الآية رقم (103): {فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً }. هذه الآية التى نزلت بمناسبة صلاة الخوف التى شرعت فى الحرب، وهنا تكمن أهمية الصلاة فى إنها لا تسقط أبداً، فحتى في الحرب لا تسقط الصلاة!
فكل الفرائض ممكن أن تسقط فالصيام يسقط من عليك لو كنت مريضاً، والحج يسقط من عليك لو كنت غير مقتدر، والزكاة تسقط من عليك لو كنت فقيراً، ماعدا الصلاة لا تسقط من عليك أبداً، فلو كنت مريض ولا تستطيع أن تقف صلى وأنت جالس، ولو عجزت حتى عن الجلوس يجوز لك أن تصلى وأن نائم أى مستلقى الجسد على السرير، ولو وصل للإنسان أنه عاجز أو مشلول تماماً حتى عن الكلام فيصلى برمش عينه! والدليل على من ذلك حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في «صحيح البخاري»: قول النبى«صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»
ما هى الحالة التى تسقط فيها الصلاة؟
ولعل الحالة الوحيدة التى تسقط فيها الصلاة هى لو كانت المرأة حائض أو نفساء وتعتبر الحالتين تعبر مرض واحد وهو نزيف الدم، والله أعلم السبب الحقيقى لهذا، فهناك من قال إن دم الحيض غير طاهر، وهناك من قال بسبب أن الحائض تكون متعبة ولا تقدر على الصلاة، ولكنى اتجه لرأى آخر وهو أن المرأة غير مؤهله جسدياً للصلاة؛ فلقد أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن الحائض إذا أدت الصلاة أى قامت بالحركات الرياضية من قيام وركوع وسجود، فإنها تسبب بتدفق الدم بكثرة إلى رحمها(1)، مما يؤدي إلى فقدانه ونزوله في دم الحيض ولذلك حرمها الله ليحفظها من اشتداد النزف، وهناك رأى آخر يقول المرأة تحدث لها تشنجات فى فترة الحيض(2)، أى أن القيام بالصلاة سيسبب لها ضرر أيضاً، وأين كان السبب فإن سقوط الصلاة لمصلحتها، ولكن من فضل الله إنها تستطيع أن تتصل به بالدعاء والذكر.
للاضطلاع على مصدر المعلومة (1)من هنا
مصدر المعلومة الثانية يرجى(2) الضغط هنا
من أين تستمد الصلاة أهميتها؟
ما ذكرناه يؤكد على أهمية الصلاة وضروريتها، وهذه الأهمية مصدرها حرص الله عز وجل على العلاقة بعباده رحمة بهم، فلو كنت أحب الله حقاً عليه بالحرص على مقابلته والتحدث معه من خلال الصلاة، فكما وضحنا أن الصلاة هى اتصال مباشر بين العبد وربه، ومن هذا المفهوم علينا أن نلتزم بالصلاة.
أما إذا اعتبرنا الصلاة مجرد أداء واجب فقط! أو مجرد فريضة نؤديها لننهى ماعلينا من واجب فهذا خطأ فادح! لماذا؟ لأنه سيحول الصلاة من وسيلة راحة إلى كاهل مفروض متعب وشاق، فالصلاة هى وسيلة اتصال يلجأ بها العبد لربه لكي يرتاح من هم الدنيا، ويفوز بنعيم الآخرة.
سبب ترك أولادنا الصلاة:
ولعل من أسباب ترك الصغار بل والكبار للصلاة هو عدم إدراكهم للمفهوم الصحيح للصلاة، فالكثير ينظر للصلاة كحركات صماء مفروضة خمس مرات خلال اليوم، فيذهب ليصلى ويقوم ويجلس ويتلو ويمل ويترك ثم يعود ثم يترك، فهو لا يصلى لأجل التقرب إلى الله، فهو يؤدى واجب عليه لا أكثر.
لهذا فتارك الصلاة عليه تغيير نظرته عن الصلاة، ليدرك أن الصلاة هي الصلة بينك وبين ربك فلا تقطعها، ولا تقول مشغول حاول أن تخصص وقت ولو قليل للصلاة، حتى لو وقتك مزدحم، وكنت تعمل فى مكان الدقيقة محسوبة عليك، تقدر على الإلتزام فى الصلاة، بنيتك! لهذا أعزم النية على الإلتزام في الصلاة، وسوف يعينك الله وستجد الوقت لذلك، أبدأ من اليوم ولا تؤجل.
وأعلم أنت من تحتاج لهذا الاتصال خلال يومك، فأذهب واتصل بالله عندما يمسك مكروه، أذهب وتواصل مع الله وأطلب منه العون عندما تشعر بتعب فى عملك، أسرع واتصل بالله وألجأ إليه لو ظلمك مديرك فى العمل، اتصل به وأطلب منه شفاء ابنك، أطلب منه صلاح أولادك، أشكوا له غلاء الأسعار والظروف المعيشية الصعبة، أنت الذى فى حاجه للاتصال بمالك هذا الكون، أنت الذي تحتاج للرحمة للعون للسند، فلا تحرم نفسك من الصلاة.
تعامل مع نفسك كأنها طفل:
هناك بعض الناس عندما يمروا بوقت كرب، وتكثر عليهم الديون، تجدهم يصلون الفروض على أوقاتها، ويتضرعون فى الدعاء حتى يرفع الله البلاء عنهم، ويكشف همومهم، وبمجرد أن يتقبل الله دعائهم و يستريحوا ينسوا الصلاة و يتوقفوا عن الدعاء!
فأحذر، فإذا تكاسلت نفسك عن الصلاة فأدفعها بالطريقة التى تنجح معها؛ فمثلاً فلو نفسك تأتى بالترغيب أخبرها أن الجنة جميلة وبها أنهار وفاكهة وحورعين، ولو كانت تأتى بالترهيب أخبرها أن الموت يأتى فجأة بدون ميعاد، أخبرها أنك ستدفن وحيداً داخل قبر مظلم والتى ستنفعك هى صلاتك.
وفى الختام بعدما وضحنا أن الصلاة تعتبر اتصال مباشر بالله، وتعبر عن العلاقة بين العبد وربه، فمهما قلنا من كلمات ستظل الصلاة سر بين العبد وربه، فهناك أشياء تشعر بها وقت الصلاة لا تستطيع أن تصفها، ولكنك مؤمن بأهميتها، فمهما جئت بكلمات لأصف ماهية الصلاة تعجز الكلمات، فنحن وضحنا ما وصل به علمى المحدود، ويبقى العلم كله عند علام الغيوب، وكل ماأقدر أقوله أن الصلاة تعبر عن حب المؤمن لربه، وتوضح صدقه فى إيمانه، والمؤمن الحق هو من تكون الصلاة مهمة فى حياته كالطعام والشراب، أي لا يقدر أن يستغنى عنها، فلا يتركها لأنه لا يستطيع أن يعيش بدونها، ولا يستطيع أن يؤخرها مثلما لا يؤخر الدواء، فتجده يصليها فى وقتها، لأن الصلاة شفاء من أمراض الدنيا ونجاة من أهوال الآخرة.
بقلم: منة الله بنت محمد
تعليقات
إرسال تعليق